سبب أزمة الرواتب في عدن والمحافظات الجنوبية
يمنات
فتحي بن لزرق
قبل عيد الأضحى المبارك بأكثر من أسبوع كنت أتحدث عبر “الفيس بوك” إلى الزميل “عادل اليافعي” وسألني يومها “عادل” عن سبب أزمة الرواتب في “عدن” ومحافظات الجنوب الأخرى تأخر صرفها.
قال: ما الذي يحدث يافتحي..؟
قلت له: قد لا تصدق إذا قلت لك ما الذي يحدث..؟
قال: اخبرني..؟
قلت له قصة تأخر صرف الرواتب في مراكز البريد بعدن ومحافظات جنوبية أخرى مشكلة عمرها حوالي 5 سنوات وتحديدا عقب العام 2011 لكنها استفحلت مؤخرا و بسبب ترهل الرقابة الحكومية على البنك المركزي في “عدن” و مراكز البريد فإن لوبي كبير وضخم من المسئولين في “البريد” والبنك و المسئولين يقوم بعملية متاجرة بمئات الملايين من المرتبات الحكومية.
قال: أوضح لي أكثر.
قلت له – بسبب الأزمة المالية التي ضربت اليمن في العام 2011 وما بعده، هناك الكثير من المراكز المالية الخاصة (رجال الأعمال) تضررت لذا باتت تقوم بالاستدانة من مسئولي البنك الحكومي في عدن و مسئولي مراكز البريد (هذه الآلية تحدث في البلدان النامية بشدة) بعمليات “اقتراض سريعة” حيث يقوم التاجر مثلا بأخذ 500 مليون من المرتبات كقرض (غير شرعي) عمره “أسبوعين” ويباشر بإجراء صفقات تجارية عاجلة ويقوم بسداد هذا القرض لاحقا إلى المسئول الحكومي 520 مليون في حده الأدنى الـ 500 مليون تذهب إلى مراكز البريد والبنك و الـ20 مليون تذهب لمسئول البنك أو البريد بحسب الجهة التي قامت بالعملية.
المؤسسة الحكومية – البنك أو البريد – باتت تؤجل صرف مرتبات موظفي الحكومة والمتقاعدين حتى تنتهي عمليات الاستثمار السريعة للمرتبات، في حين يصطف الآلاف من العجزة و المرضى أمام مراكز البريد كل يوم و يقومون بقطع الطريق.
طبعا لكي نكون واضحين و صادقين هذه العملية بدأت عقب 2011 و كانت تحدث أيام وحيد رشيد و حبتور. و لكن على نطاق “ضيق” بسبب وجود أجهزة الرقابة و المحاسبة التي نطالب بتفعيلها اليوم أو إيجاد لجنة خاصة لمتابعة مثل هذه الأمور.
اي بما معناه انها كانت تنفذ عمليات سريعة عمرها اسبوع إلى 10 ايام، أما الآن فعمرها يزيد على 27 يوم واكثر.
لذلك فإن ما يحدث اليوم هو ان الموظف المسكين أو المتقاعد يتكعف 20 مشوار لمكتب البريد و يطوبر و تطلع روحه، لكن تأتي الإجابة الجاهزة من موظف البريد: “مافيش سيولة يا حاج”.
طبعا ثمة شيء لا يمكن إنكاره و هو ان السلطات الانقلابية في صنعاء لاتزال ملتزمة بإرسال مرتبات موظفي الحكومة و لم يصدر إي بيان من البنك المركزي بعدن يقول انه هذه المرتبات “أوقفت” و ذلك لكي لا يكذب احد من المسئولين و يقول السبب من “هناك”.
طبعا أتوقع ان المحافظ “الزبيدي” يسأل المسئولين عن هذه العمليات المالية و كلهم من النظام السابق فتأتيه نفس الإجابة “مافيش سيولة” لكن هذا لا يعفيه من مسئولية المتابعة.
طيب كيف مافيش سيولة و انتم بعد 27 يوم من جرجرة الناس تقومون بالصرف و يبدأ الشهر التالي تعذيب الناس مرة “أخرى”.
في حديثي مع “عادل اليافعي” سألني لماذا لا تبصرون المحافظ بما يحدث..؟
– قلت له أولا المحافظ بينه و بين الإعلام جدار طووووووويل و لا يسمح لنا بالحديث إليه، ثانيا هو يملك إدارة لا يمكن وصفها إلا “بالفاشلة” و إلا لما غابت عنها تجربة فساد يعرفها ابسط تاجر في الميناء بعدن لذا فعليه الاستعانة بالكوادر الفاهمة في مجال الاقتصاد ما اكثرها.
اسألوا ابسط تاجر و اذا صادق سيحكي لكم القصة من طقطق الى سلام عليكم.
– فهمتم لماذا نكتب عن “الفساد”، نكتب عن الفساد لأن امبراطوريات ضخمة باتت تتشكل بسبب هذا الفساد المروع و السبب غياب الإدارة و المراقبة.
– المحافظ “الزبيدي” رجل عظيم نجلّه و نقدره و نحترمه و نشيله داخل عيوننا بس اللي يحصل اضر الناس، جرحها، وصل إلى لقمة عيشها و لا يعيب الزبيدي إلا يكون فاهم بلعب الشياطين هذه، لكن سيعيبه عدم التحرك لوقف “اذلال الناس” و تعذيبها.
– اكرر نحن بحاجة إلى تفعيل جهاز مراقبة لكل ما يحدث في “عدن” انتصارا لعدن أولا وانتصار لإدارة المحافظ الزبيدي لأنه و بكل بساطة سيل كل هذه الإشكاليات سيغرق أي مركب مهما كانت قوته.
– أخيرا بالله ركزوا طلبي واحد وهو متابعة عملية صرف مرتبات موظفي الحكومة لا أكثر فهل انتم معي..؟